المنطق السابق هو الذى ساد فى معالجة قضية خطف الجنود السبعة فى رفح على يد مجموعة مجهولة تطلب الاستجابة لمطالب تعجيزية، إذا تم تنفيذها تقضى على هيبة ما تبقى من هيبة الدولة.
الفريق الأول لا يرى فى العملية إلا مؤامرة إخوانية هدفها الإطاحة بقادة الجيش الحاليين خصوصا الفريق عبدالفتاح السيسى، باعتبار أن الجيش يعتبر مقصرا فى حماية جنوده، ويضيف هذا الفريق أيضا ان الذى نفذ العملية الأخيرة مجموعات مسلحة تنتمى إلى حركة حماس الفلسطينية أو تنظيمات جهادية مصرية أو فلسطينية، مثلما نفذوا عملية قتل الجنود المصريين فى رفح فى أوائل شهر أغسطس الماضى، على حسب زعمهم، وهى العملية التى قادت إلى إقالة المشير حسين طنطاوى وبقية المجلس العسكرى.
الفريق الثانى يحمل أجهزة الأمن المسئولية خصوصا القوات المسلحة باعتبارها هى المسئولة عن هذه المنطقة، وبالتالى ينبغى معاقبة قادتها على هذا التقصير والإهمال.
أصحاب هذين الرأيين لا يريدون أن يفكروا أبعد من أنوفهم.
الفريق الأول ينسى ان ضعف هيبة الدولة فى سيناء ليس وليد اللحظة، لم يحدث فى عهد محمد مرسى، أو حتى بعد قيام الثورة فقط، كان موجودا منذ سنوات طويلة لكنه ترسخ بعد العمليات العنيفة فى شرم الشيخ وطابا ودهب.
والفريق الثانى ينسى أنه إذا كان الأمن قد أهمل فى حماية الجنود فى حادث أغسطس الماضى، فإن العملية الأخيرة تمت على طريق سريع، ويمكن ان تتكرر كل لحظة فى أى مكان، وبالتالى فإن تحميل الجيش أو الشرطة للمسئولية عبث.
المنطق الثالث أو الرمادى الذى لا يريد أحدنا أن ينظر إليه هو أن سيناء تضيع منا فعلا منذ سنوات طويلة، وللأسف كلنا يتحدث عن افكار مثالية طوباوية للحل، لا ننفذها أبدا.
ننسى أن هناك عدوا خطيرا اسمه إسرائيل لا يهدأ ولا يستكين لكنه ينفذ من ثغرات موجودة بالفعل.
لا نريد ان نصدق أن ما نسميهم متمردين فى سيناء لم يهبطوا علينا من المريخ، بل اغلبهم من ابناء المنطقة المقيمين فيها.
بعض أبناء سيناء يشعرون بالظلم وهم محقون، وبعضهم يمارسون تجارة غير مشروعة ويكسبون الملايين، وهؤلاء يحتمون بالبيئة المحلية الناقمة على السلطة.
قبل أيالم قال عبدالفتاح السيسى ــ وهو محق تماما ــ ان الحل فى سيناء لا ينبغى أن يكون أمنيا، تخيلوا لو ان أجهزة الأمن هاجمت المنطقة غدا وقتلت واعتقلت وشردت، فماذا سيحدث بعدها؟!.
لحسن الحظ لدينا تجربة مماثلة نفذتها أجهزة حبيب العادلى أكثر مرة مرة بدءا من عام 2006 والنتيجة أن نقمة اهل المنطقة لم تعد قاصرة على نظام الحكم، بل على الدولة بأكملها وبدأنا نسمع عن «دولتهم ودولتنا، وشعبهم وشعبنا».
قد نتمكن من حل قضية المختطفين بوساطة أو فدية، أو تحقيق بعض المطالب سرا أو علنا، لكن مشكلة سيناء ــ للأسف الشديد ــ سوف تظل مستمرة، ولن تحل إلا فى إطار حل وطنى شامل يشارك فيه كل المجتمع
Sent from my BlackBerry® from Vodafone
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق