صعد العربى السيد على سلم قصير لتغيير «لمبة إنارة» الغرفة الداخلية بشقته بالدور الأرضى بمنطقة بحرى بالإسكندرية، وقبل أن يقوم بتركيب اللمبة الجديدة تفاجأ باهتزاز الأرض تحت السلم وسقوطه فى حفرة عميقة، ليجد شخصين جالسين داخل نفق طويل يشربان الشاى، وبجانبهما جهاز لشفط المياه وخراطيم.
لم يأخذ الرجل وقتاً طويلاً حتى أدرك ما حدث، وفهم أنه سقط فى نفق للتنقيب عن الآثار، لم يُثر ما حدث تعجبه فهو يعلم أن هناك مئات الأنفاق تحت منازل المدينة، صنعها الطامعون فى الثراء، لكن طول النفق وعمقه أصاباه بحالة من الجمود للحظات، كانت كافية لهروب «الحفارين»، ليسارع هو بعد ذلك للشرطة للإبلاغ عن الواقعة. يتوقف الرجل عن سرد تفاصيل الواقعة التى حدثت قبل أسبوعين من الآن، ويبتسم قائلاً: الحمد لله، اكتشفت النفق قبل أن ينخر الحفر فى أساس عمارتى أو عمارة مجاورة لنستيقظ على كارثة التشريد والموت تحت الأنقاض، كما حدث مع عشرات من أهالى الإسكندرية.
فرحة «العربى» لها ما يبررها، فمنازل الإسكندرية تعوم على بحر من الآثار الرومانية اليونانية، بحسب المختصين، وانتشرت ظاهرة التنقيب عن الآثار عقب ثورة 25 يناير، ما أدى إلى انهيار العديد من المنازل وتشريد عشرات الأسر بأغلب المناطق القديمة مثل العطارين وبحرى وكوم الدكة ومحطة مصر وكرموز.
وعاد «العربى» ليسرد تفاصيل ما حدث معه، قائلاً: قوات الأمن حضرت سريعاً، فور تلقيها البلاغ، ونزلت إلى النفق الذى يمر تحت أكثر من 4 منازل بطول 30 متراً، وعمق مترين، ووصلت إلى آخره فى الشارع الخلفى لمنزلى، واكتشفت أنه يبدأ من شقة بالدور الأرضى بالعمارة المجاورة، تم تأجيرها حديثاً. وأشار إلى أن قوات الأمن حرزت فكين لحيوانات قديمة، ورخامة مكتوباً عليها كتابات أجنبية، وقطعة من الآثار.وانتقد حسن على، أحد القاطنين بالمنزل، عدم تدخل الحكومة لردم النفق حتى الآن، وقال إن النفق يهدد المنازل التى يمر تحتها بالانهيار فى أى وقت، خاصة أنه امتلأ بالمياه عن آخره، ويعرّض أساسات المنازل القديمة التى صدر لبعضها أمر إزالة لخطر الانهيار، وبالرغم من إبلاغ قسم شرطة العطارين وحى الجمرك فإنهم لا يتحركون. وبرر اللواء أحمد أبوطالب، رئيس حى الجمرك بالإسكندرية، عدم تدخل الأجهزة المحلية لردم النفق بانتظارها انتهاء النيابة من إجراء تحقيقاتها كاملة.
من جانبه، قال الدكتور مصطفى رشدى، مدير عام الآثار بالمدينة، إن حالات الحفر فى المنازل التى أسفلها آثار بلغت خلال الثلاثة أشهر الماضية 11 حالة، وذلك بعدما كثفت قوات الأمن من تحرياتها وجهودها لضبط المخالفين، مؤكداً أن السنة الماضية كانت الحالات تصل فى اليوم الواحد إلى 6 حالات مخالفة. وأضاف: المنزل ملكية خاصة ولا تستطيع الآثار الحفر والتنقيب أسفله، وأكثر المناطق التى تتعرض لعمليات الحفر غير القانونية هى منطقة القبارى لأنها تقع على الجبانة الغربية لمدينة الإسكندرية القديمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق