كانت هند بنت النعمان احسن نساء زمانها فوصف حسنها للحجاج وجمالها فخطبها وبذل مالًا كثيرًا وتزوج بها وكتب علي نفسه بعد الصداق مائتي الف درهم فلما دخل بها مكث معها مدة طويلة ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر و وجهها في المراة وتقول
وما هند الا مهره عربية .. سليلة افراس تحللها بغلفإن ولدت فحلًا فله درها .. و أن ولدت بغلًا فجاء به البغل
فلما سمع الحجاج ذلك إنصرف راجعًا ولم يدخل عليها ولم تكن علمت به فأراد الحجاج طلاقها فبعث إليها عبدالله بن طاهر يطلقها فدخل عبدالله بن طاهر عليها وقال لها يقول لك الحجاج ابو محمد ان لك عليه باقي الصداق مائتي ألف درهم وهي هذه حضرت معي وقد وكلني في الطلاق فقالت اعلم ابن طاهر أننا كنا معه والله ما فرحت به يومًا قط وان تفرقنا والله لا اندم عليه ابدًا وهذه المائتا الف درهم لك هدية بشارة بخلاصي من كلب بني ثقيف ثم بعد ذلك بلغ الملك عبدالملك بن مروان خبرها ووصف له حسنها وجمالها وقدها واعتدالها وعذوبتها فارسل يخطبها .
فأرسلت كتابًا تقول فيه " الثناء علي الله والصلاة علي نبيه محمد صلي الله علية وسلم اما بعد , فأعلم يا امير المؤمنين ان الكلب ولغ في الاناء " فلما قراء كتابها الملك عبد الملك بن مروان ضحك من قولها وكتب إليها قوله صلى الله عليه وسلم " إذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليغسله سبعًا احداهن بالتراب " وقال اغسلي القذي عن محل االاستعمال فلما قرات كتابه لم يمكنها المخالفه وكتبت إليه تقول " بعد الثناء على الله والصلاة علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم إني لا اجري العقد الا بشرط فإن قلت ما الشرط ؟ اقول ان يقود الحجاج محملي إلى بلدك التي انت فيها ويكون حافيًا بملبوسه الذي هو لابسه؟ " فلما قرا الملك عبد الملك بن مروان الرسالة وافق علي ذلك وارسل الي الحجاج يأمره بهذا فلم يستطع الحجاج الرفض وذهب إلى بيت هند بنت النعمان وطلب منها أن تتجهز ففعلت هذا فلما ركبت المحمل وركب حولها جواريها وخدمها ترجل الحجاج وهو حافي القدم واخذ بزمام البعير يقودة وسار بها فصارت تسخر منه وتضحك عليه مع بلانتها وجواريها ثم قالت لبلانتها اكشفي لي ستارة المحمل فكشفها حتي قابل وجهها وجهه فضحكت علية فانشد هذا البيت
فأن تضحكي يا هند رب ليلة .. تركتك فيها تسهرين نواحًا
فأجابته بهذا البيتين
وما نبالي إذا أرواحنا سلمت .. مما فقدناه من مال ومن نسبالمال مكتسب والعز مرتجع... اذا اشتفي المرء من داء ومن عطب
ولم تزل تضحك وتذهب وتلعب إلى أن قربت من بلد الخليفة فلما وصلت إلى البلد رمت من يدها دينار علي الارض و قالت له: يا جمّال، سقط منا درهم فنظر الحجاج إلى الأرض فلم يرى الا دينار فقال لها هذا دينار , فقالت بل هو درهم , فقال لها بل هو دينار فقالت الحمد الله الذي عوضنا بالدرهم دينارا فناولنا اياه فخجل الحجاج من ذلك , ثم أنه أوصلها إلى قصر عبد الملك بن مروان ودخلت عليه
وعند وصولهم تاخر الحجاج في الإسطبل والناس يتجهزون للوليمه فأرسل إليه الخليفه ليطلب حضوره فرد عليه نحن قومٌ لانأكل فضلات بعضنا أو انه قال: ربتني أمي علي ألا أكل فضلات الرجال
ففهم الخليفه و أمر أن تدخل زوجته بأحد القصور ولم يقربها إلا أنه كان يزورها كل يوم بعد صلاة العصر فعلمت هي بسبب عدم دخوله عليها، فاحتالت لذلك و أمرت الجواري أن يخبروها بقدومه لأنها أرسلت إليه أنها بحاجه له في أمر ما فتعمدت قطع عقد اللؤلؤ عند دخوله ورفعت ثوبها لتجمع فيه اللآليء فلما رأها عبد الملك .. أثارته روعتها وحسن جمالها وتندم لعدم دخوله بها لكلمة قالها الحجاج
فقالت وهي تنظم حبات اللؤلؤ: سبحان الله
فقال عبد الملك مستفهمًا: لم تسبحين الله ؟
فقالت: إن هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك
قال: نعم
قالت: ولكن شاءت حكمته ألا يستطيع ثقبه إلا الغجر
فقال متهللًا: نعم والله صدقتي .. قبح الله من لا مني فيك ودخل بها من يومه هذا فغلب كيدها كيد الحجاج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق